صدور المفاهيم والميول عن قاعدة واحدة
وهنا يجب الانتباه الى ان تصدر مفاهيمنا وميولنا( افكارنا ومشاعرنا) عن قاعدة واحدة، حتى تتكون لدينا شخصية متميزة، يدرك الاطفال كيفية التعامل معها، فاذا كانت المفاهيم والميول (الافكار والمشاعر) تصدر من الاسلام كانت الشخصية شخصية اسلامية مميزة، ترى هذا لسلوك جيد فتحبه وترى هذا السلوك سيء فتكرهه. لماذا؟ لانها اتخذت الاسلام مصدرا للحكم على السلوك بالحلال والحرام ، كما تخذت الاسلام مصدرا للحب والكراهية، فما امر به الاسلام يجب ان تحبه، حتى لو كرهته أو أصابك ضرر منه.
قال تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون البقرة :216
وما حرمه الاسلام يجب ان تكرهه حتى لو كان فيه بعض الفائدة. قال تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيمها اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما البقرة 219
ولهذا يجب التحكم بالمشاعر وتوجيهها الاتجاه الصحيح المنضبط باحكام الاسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ومن هنا وجب على الوالدين ان تكون افكارهما ومشاعرهما ومفاهيمها وميولهما صادرة عن الاسلام واحكامه حتى يعرف الطفل ما الذي يرضيهما وما الذي يغضبهما فيحسن التعامل معهما.
اما اذا كانت مفاهيم الوالدين في واد وميولهما في واد آخر فان شخصيتهما لا لون لها ولا طعم، شخصية مائعة متخبطة ، وهذا ينعكس بدوره على الابناء فيتخبطون في التعامل مع الوالدين ، وستكون معرفتهم بردود الافعال آبائهم غامضة فتصيبهم الحيرة والاضطراب. اما اذا عرفوا ان الاسلام هو مصدر أحكامهم ومشاعرهم عند ذلك يؤمنون بصحة القواعد السلوكية التي يضعها الوالدان، ويثقون بها فيحرصون على الالتزام بها وعدم الاعتراض عليها.
وضع القواعد السلوكية
ان وضع قواعد سلوكية للاطفال متفق عليها بين الام والاب يجب ان يراعى فيها عمر الطفل ، فما نتوقعه من طفل ما قبل السابعة غير السلوك الذي نتوقعه من طفل ما بعد السابعة.
طفل ما قبل المدرسة
لا يميز الطفل الصغير بين العمل واللعب ، فهو ينهمك في كل عمل يقوم به من تلقاء نفسه مثل استماعه الى قصة او لعبه بدمية او وهو يراقب فراشة تحوم حوله، وهو لا يشعر بمواعيد الاكل او الوقت ولا يستطيع التوقف عن نشاط يمارسه اذا كان يثيره، وهو يلعب بأي شيء يصادفه، فاذا وقع في يدع ملعقة كبيرة ومقلى فانه يتذوقها بلسانه ويضرب المقلى بالملعقة ويستمع للصوت الناتج عن ذلك، ويحاول ان يضع المقلى بالملعقة ، ويقلب المقلى ليخبئ الملعقة تحته، ثم يخرج الملعقة من تحت المقلى، واذا لم يجد اكتشافا جديدا فانه يمل ، ويحاول ايجاد اشياء اخرى ليلعب بها، ويزداد نشاطه اذا اضيف اشياء اخرى ليلعب بها مثل الرمل او الماء او الحصى او الدمى او ملاقط الغسيل او اغطية القناني او... الخ. والطفل بلعبه هذا يتعرف على الخصائص الظاهرة للاشياء، فيعرف كيف تتحرك وكيف تتدحرج الى اعلى والى اسفل، وكيف يتلاءم معها، ويدخل بعضها في بعض .. الخ ويتعلم كيف يستخدم اعضاء جسمه، كيف يحرك ذراعيه ورجليه وجذعه في اتجاهات مختلفة، وكيف يستعمل اصابعه ويديه. وكلما ازداد النشاط الحركي للطفل ازداد ميله للبحث والتعرف على البيئة، ويجب ان يشجع على ذلك الى ابعد الحدود ، ويجب عدم ايقافه دون ضرورة عن ممارسة انشطته التي تشبع حب استطلاعه الا في حالتين:
1- اذا حاول ان يقوم بعمل خطر او مزعج لنفسه او للاخرين
2- اذا حاول ان يتلف ممتلكات الغير او اشياء ثمينة.
في هاتين الحالتين يجب ايقافه فورا وبحزم، وعلى الام او من يقوم مقامها ان تراقب الطفل باستمرار وهو يتحرك في بيئته، وكما يجب ان توفر له شروط السلامة وان تهيء له مواقف يمارس فيها انشطة مثيرة له.
وافضل طريقة لايقاف عمله الخطر في سن اقل من سنة هو تشتيت انتباهه عن القيام بعمله وتوجيه انتباهه لشيء آخر او نشاط بديل.
فاذا حاول الطفل لمس شيء ممنوع فيجب سحب يده بلطف بعيدا عن ذلك الشيء وان يقال له كلاما يفهم منه ان عمله هذا يؤذيه او يؤذي غيره.
اما اذا كان الطفل في السنة الثانية او الثالثة وقام يسلوك خطر على نفسه او غيره فعلى الام ان تثير انتباهه لسلوكه هذا وتحاول ردعه بما لديها من وسائل مثل استخدام تعبيرات وجهها ولهجة صوتها، واذا استمر في سلوكه عليها ان تنقله الى مكان آخر، وفي جميع الاحوال عليها الالتزام بهدوءها وان لا تلجأ الى الضرب.
وافضل وسيلة للتعامل معه هو عزله لوقت قصير في مكان يخلو من أي وسيلة ممتعة له(الاقصاء) وهذا ما سيأتي الحديث عنه لاحقا.
في بداية السنة الثانية يعاني الطفل من نوبة انفجارات انفعالية شديدة، في هذه الفترة يمكن للام ان توجه طفلها وتعلمه السلوك الجيد ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع اجباره على ان ينفذ تماما ما تريده منه او ينفذه بشكل تام لانه لا يدرك مفهوم القواعد السلوكية التي يجب التعامل على اساسها. فهو لا يعقل مثلا قول امه له كن لطيفا مع القطة الصغيرة، ولا يدرك سوء عمله اذا ركض في شارع مزدحم بالسيارات، او اذا ابتعد عن جدته التي تريد تقبيله، فهو لا يدرك معنى السلوك السيء وهو يتصرف بعفوية دون ان يدرك عاقبة الامور، فافعاله تلقائية مرتبطة بدوافعه الآنية التي تظهر في الحال. ولا يتوانى عن اشباعها دون تفكير وقد تستغرق هذه الحالة سنوات، وكل ما على الام ان تفعله ان توجهه بشكل حازم مع مراعاة عدم حرمانه من محبتها وحنانها في أي لحظة من اللحظات. لان حب الام واحترامها لطفلها هو المنبع الذي يستمد منه حبه واحترامه لنفسه وللاخرين[center]
يتبع